هل فعلاً يتوقف الطفل عن تعلم اللغة بعد عمر معين؟ اكتشف الحقيقة!

من المعروف أن تعلم اللغة يعد من أبرز القدرات التي تميز الإنسان عن غيره من الكائنات. يكتسب الأطفال لغاتهم الأم في سن مبكرة، مما يسهم في بناء قاعدة لغوية قوية وراسخة. لكن، هل تساءلت يومًا لماذا يكون تعلم اللغة أكثر سهولة في مراحل الطفولة المبكرة مقارنةً بالمراحل اللاحقة من العمر؟ تكشف الدراسات الحديثة أن الطفل لا يستطيع تعلم اللغة بعد عمر محدد، مما يشير إلى أهمية البداية المبكرة في اكتساب المهارات اللغوية.

في ضوء نتائج دراسة نشرت في مجلة "Cognition"، يتضح أن الطفل لا يستطيع تعلم اللغة بعد عمر العاشرة بنفس الفعالية التي يمكن تحقيقها في سن مبكرة. تتناول الدراسة التحديات التي يواجهها الأفراد الذين يبدأون تعلم لغات جديدة بعد هذا العمر، حيث يصعب عليهم تحقيق الطلاقة الكاملة. لذا، من الواضح أن البداية المبكرة في تعلم اللغة تلعب دورًا حيويًا في تحسين المهارات اللغوية وتفادي المشكلات التي قد تنشأ عند تعلم اللغات في وقت لاحق.

الطفل لا يستطيع تعلم اللغة بعد عمر
الطفل لا يستطيع تعلم اللغة بعد عمر

الطفل لا يستطيع تعلم اللغة بعد عمر

بناءً على نتائج دراسة نشرت في مجلة "Cognition"، يصبح تعلم لغة ثانية على مستوى الطلاقة الكاملة أمرًا في غاية الصعوبة إذا بدأ الشخص في تعلم اللغة بعد سن العاشرة. تسلط الدراسة الضوء على أن القدرة على تحقيق مستوى الطلاقة المثلى تنخفض بشكل ملحوظ بعد هذا العمر، مما يجعل من تعلم اللغات في مرحلة الطفولة المبكرة أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق تقدم ملحوظ في المهارة اللغوية.

على الرغم من أن الأفراد الذين يبدأون تعلم لغة جديدة بعد سن العاشرة قد يصلون إلى مستوى جيد في اللغة، إلا أنهم نادرًا ما يحققون الطلاقة التامة. قد تكون مهاراتهم اللغوية قوية، لكن التحديات في النطق الدقيق وجوانب أخرى من الطلاقة اللغوية يمكن أن تبقى صعبة. فعلى سبيل المثال، قد يواجه هؤلاء الأفراد صعوبة في التمييز بين بعض الأصوات التي تعتبر دقيقة جدًا.

القدرة على تعلم اللغة تبدأ في الانخفاض بشكل أكثر وضوحًا عند بلوغ سن السابعة عشرة أو الثامنة عشرة، كما يوضح الباحث غوشوا هارتشورن. بينما السبب وراء هذا الانخفاض ليس واضحًا تمامًا، إلا أن التفسيرات المحتملة تتضمن التغيرات في مرونة الدماغ المرتبطة بالشيخوخة، بالإضافة إلى التحولات في نمط الحياة مثل الدخول في مجالات العمل أو التعليم العالي.

تعد الفترة المثلى لتعلم اللغة الأم لدى الطفل هي حتى سن خمس سنوات، حيث يُفضل التركيز على تعزيز مخزون الطفل اللغوي في هذه المرحلة. خلال هذه السنوات، يستوعب الطفل لغته الأولى بشكل مكثف، مما يساهم في بناء قاعدة لغوية قوية. في هذه المرحلة، ينبغي أن يكون التعرض للغة الثانية محدودًا، حيث يكون التركيز الأساسي على اللغة الأم هو الأكثر أهمية.

بمجرد أن يحقق الطفل إتقانًا جيدًا لمهاراته اللغوية في اللغة الأم، يمكن البدء في تعليمه لغة ثانية اعتبارًا من عمر ست سنوات. في هذا العمر، يكون الطفل قد طوّر قاعدة لغوية قوية في لغته الأم، مما يجعله أكثر استعدادًا لاستيعاب لغة جديدة. ومن الشائع البدء بتعلم اللغة الإنجليزية نظرًا لأهميتها العالمية والعلمية.

فيما يتعلق بالتطور العقلي للطفل، فإن قدراته العقلية تستمر في النمو حتى بعد سن الثانية عشرة، حيث تصبح مهاراته في الاستنتاج والافتراض أكثر نضجًا. هذا التطور العقلي يمكن أن يساهم في تحسين عملية تعلم اللغات، ولكن يبقى البدء المبكر هو الأكثر فائدة لضمان بناء قاعدة لغوية قوية. على الرغم من أهمية تعلم لغة جديدة في سن مبكرة، إلا أن التأخير حتى يتمكن الطفل من إتقان لغته الأم بشكل كامل قد يؤدي إلى نتائج أفضل.

أول مهارة لغوية يكتسبها الطفل

أول مهارة لغوية يكتسبها الطفل هي إدراك الكلام، وهي عملية تسبق دائمًا إنتاج اللغة. بمعنى آخر، يتمكن الطفل من فهم الأصوات والكلمات المحيطة به قبل أن يبدأ في التحدث أو إنتاج تلك الأصوات بنفسه. هذه القدرة على إدراك الكلام تتطور تدريجيًا، حيث يكون الطفل قادرًا على تمييز الأصوات والمقاطع من حوله.

في البداية، يتعلم الطفل اللغة من خلال نظام معقد ينمو خطوة بخطوة. تبدأ هذه العملية بالتمييز بين الفونيمات، وهي أصغر الوحدات الصوتية التي تشكل الكلمات. هذا التمييز يعد خطوة أساسية ومهمة في بناء قدرة الطفل على فهم الكلمات والجمل فيما بعد. فعندما يتقن الطفل التعرف على الفونيمات، يصبح قادرًا على فهم وتفسير اللغة بشكل أفضل.

إدراك الكلام وتمييز الفونيمات يشكلان الأساس الذي تبنى عليه مهارات اللغة الأخرى لدى الطفل. بالتالي، يمكننا القول إن هذه الخطوات الأولية في اكتساب اللغة تتيح للطفل التفاعل بشكل أعمق مع المحيط اللغوي وتطوير مهاراته اللغوية بشكل شامل.

تعليم الطفل لغتين في وقت واحد

تعليم الطفل لغتين في وقت واحد يمكن أن يكون تجربة مثمرة وغير ضارة بتطوره اللغوي. في الواقع، تشير الأبحاث إلى أن تعلم لغتين لا يؤدي إلى تأخر لغوي بل يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية متعددة. فالأطفال الذين يتعلمون لغتين يطورون مهارات لغوية بمعدل مشابه لأقرانهم الذين يتعلمون لغة واحدة. لكن، كيف يمكن لهذا التعدد اللغوي أن يؤثر بشكل إيجابي على تطور الطفل؟

أولاً، من الطبيعي أن يظهر بعض الخلط بين الكلمات من اللغتين عند الأطفال في مراحل تطورهم المبكرة. ولكن هذا الخلط يتناقص مع مرور الوقت مع تحسن قدراتهم اللغوية. أظهرت الدراسات أن الأطفال ثنائيو اللغة يطورون مفردات مشابهة لأقرانهم أحاديي اللغة. علاوة على ذلك، أظهرت الأبحاث أن تعلم لغتين يمكن أن يقدم فوائد إضافية في جوانب معرفية أخرى، مثل تحسين التحكم في الانتباه والوظائف التنفيذية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك دراسات تدعم تعليم لغتين للأطفال ذوي الإعاقات. فقد أظهرت هذه الدراسات أن تعلم لغتين يمكن أن يحسن من نتائجهم اللغوية وقدرتهم على التواصل دون التأثير سلبًا على جوانب أخرى من تطورهم. وهذا يعني أن التعدد اللغوي قد يكون له تأثير إيجابي حتى في حالات خاصة.

بناءً على هذه الأدلة، يتضح أن تعليم لغتين في الطفولة المبكرة لا يؤدي إلى تأثيرات سلبية على التطور اللغوي، بل يمكن أن يكون له فوائد متعددة. لذا، من الأفضل تشجيع تعلم لغتين بدلاً من التردد في ذلك، حيث يمكن أن يساعد هذا في تعزيز مهارات الطفل اللغوية والمعرفية على حد سواء.

ثنائية اللغة عند الطفل PDF

ثنائية اللغة عند الأطفال هي مسألة تثير اهتمامًا كبيرًا بين الآباء والمربين، خاصة في عالم يزداد تنوعًا لغويًا. حسب الدراسات الحديثة، يعكس الواقع المتزايد لوجود ثنائية لغوية في العديد من المناطق حول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا. تشير التوقعات إلى أن أكثر من 50% من الأطفال في بعض المناطق الأمريكية سيستخدمون لغة غير الإنجليزية بحلول عام 2035، بينما يبلغ عدد الطلاب الكنديين الذين يتحدثون لغة أم غير الإنجليزية نسبة 50% في بعض المناطق.

ورغم انتشار ثنائية اللغة، تظل الأبحاث حول تأثيراتها، خاصة في السنوات الأولى من حياة الطفل، محدودة. تشير الدراسات المتاحة إلى أن الازدواجية اللغوية قد تعزز بعض المهارات المعرفية، مثل تحسين الوظائف التنفيذية وتأخير ظهور الأمراض العصبية مثل الزهايمر. ومع ذلك، لا تتفق جميع الدراسات على النتائج نفسها، مما يخلق بعض الجدل حول الفوائد الحقيقية للثنائية اللغوية.

من الأسئلة الشائعة حول هذا الموضوع ما إذا كان الأطفال ثنائيو اللغة يعانون من الارتباك بسبب التعامل مع لغتين. تشير الأبحاث إلى أنه لا يوجد دليل علمي قوي يدعم هذه الفكرة. في الواقع، يُعتبر خلط اللغات جزءًا طبيعيًا من عملية تعلم اللغتين، وعادةً ما يتلاشى هذا الخلط مع تقدم الطفل في العمر.

يعتقد بعض الناس أيضًا أن الازدواجية اللغوية قد تعزز الذكاء. بينما تدعم الأبحاث فوائد مثل تحسين الوظائف التنفيذية، إلا أن النتائج ليست دائمًا متسقة. تشير بعض الدراسات إلى أن الأطفال ثنائيي اللغة قد يكتسبون مهارات قوية في إدارة الانتباه نتيجة تعرضهم للغات متعددة، ولكن الحاجة إلى مزيد من البحث تظل قائمة لتحديد مدى تأثير هذه الازدواجية على القدرات المعرفية بشكل كامل.

تدور تساؤلات أخرى حول ما إذا كان من الأفضل للبالغين التحدث بلغة واحدة فقط مع الأطفال ثنائيي اللغة. توضح الأبحاث أن التفاعل مع الأطفال باستخدام لغات متعددة يمكن أن يكون مفيدًا، حيث يوفر فرصًا إضافية لتطوير المهارات اللغوية. لذا، لا داعي للالتزام بلغة واحدة فقط مع الأطفال، بل يمكن الاستفادة من التفاعل بلغات متعددة.

كما أن تجنب خلط اللغات ليس ضروريًا أو مفيدًا. تشير الدراسات إلى أن خلط الرموز شائع في تطور الأطفال ثنائيي اللغة، لكنه عادةً ما يكون مؤقتًا. يمكن تعزيز استخدام كل لغة في سياقات مختلفة لمساعدة الأطفال على تعلم كيفية استخدام كل لغة بشكل مناسب.

أخيرًا، يتساءل العديد من الآباء عما إذا كان من الأفضل بدء تعلم اللغات في سن مبكرة. تُظهر الأبحاث أن الأطفال يمكنهم تعلم لغتين بنجاح منذ مراحل مبكرة، ولكن توقيت بدء التعلم ليس شرطًا أساسيًا لتحقيق نتائج إيجابية. الأهم هو توفير بيئة غنية بالتفاعل اللغوي، بغض النظر عن توقيت بدء التعلم.

بالمجمل، تدل الأبحاث على أن الازدواجية اللغوية المبكرة يمكن أن تكون مفيدة وتقدم فوائد تطورية وتعليمية. يجب على الآباء والمربين أن يدركوا أن تربية الأطفال ثنائيي اللغة ليست مصدر قلق، بل فرصة لتعزيز مهاراتهم اللغوية والفكرية.

لتحميل PDF اضغط هنا 

المراجع

تعليقات