أهم شروط اكتساب اللغة عند الطفل

يلعب الاستعداد الفطري دورًا محوريًا في تطور مهارات الطفل اللغوية. شروط اكتساب اللغة عند الطفل تتجاوز مجرد وجود القدرة الفطرية على التعلم؛ فهي تشمل أيضًا عوامل متعددة مثل السمع السليم، التفاعل الاجتماعي، والتعرض لمواقف لغوية متنوعة. يشير الباحثون إلى أن النظرية التي قدمها نعوم تشومسكي حول "وحدة اكتساب اللغة" تسهم في تفسير كيف يمكن للأطفال تكوين قواعد لغوية عالمية من خلال التعرض للأصوات والمواقف اللغوية المحيطة بهم.

تبدأ عملية اكتساب اللغة عند الطفل منذ الأشهر الأولى من حياته، حيث يتطور تدريجياً من التهجيج البسيط إلى استخدام كلمات ومعانٍ أكثر تعقيدًا. من خلال تفاعل الطفل مع محيطه واستخدام حواسه، تتعزز قدراته اللغوية وتتسع مفرداته بشكل ملحوظ. يشمل هذا التقدم القدرة على فهم الكلمات، تكوين الجمل، واستخدام اللغة بطرق معبرة وفعالة. في هذا السياق، تعتبر شروط اكتساب اللغة عند الطفل أساسية لضمان نجاح هذه العملية وتطورها بشكل سليم.

شروط اكتساب اللغة عند الطفل
شروط اكتساب اللغة عند الطفل

شروط اكتساب اللغة عند الطفل

تتطلب عملية اكتساب اللغة لدى الطفل عدة شروط أساسية، تبدأ من الاستعداد الفطري الذي يولد به. يشير العديد من الباحثين إلى أن الأطفال يمتلكون قدرة فطرية على تعلم اللغة، وهو ما دعمته نظرية نعوم تشومسكي حول "وحدة اكتساب اللغة" في عقل الطفل، التي تسهم في تشفير القواعد اللغوية العالمية وتسهيل تعلمها.

إلى جانب الاستعداد الفطري، يلعب الجهاز السمعي والنطق السليم دورًا مهمًا في عملية تعلم اللغة. إذ يتطلب الأمر قدرة الطفل على إرسال واستقبال الإشارات الصوتية بوضوح، مما يجعل التفاعل مع البيئة المحيطة أمرًا حاسمًا. يحتاج الطفل إلى التفاعل مع المتحدثين الآخرين للحصول على مدخلات لغوية فعالة تساعده في تعلم اللغة.

في مرحلة الاكتساب، يبدأ الطفل بتطوير مهاراته الفونولوجية، وهي عملية النطق التي قد تكون غير دقيقة في البداية ولكنها تعكس تفاعلات صوتية معقدة. يبدأ الرضع في إدراك الأصوات من حولهم وتوجيه رؤوسهم نحوها، ثم يتطورون لإنتاج أصوات أحادية المقطع في مرحلة الهديل، التي تبدأ عادة في الشهر الرابع.

من عمر 6 إلى 8 أشهر، يدخل الطفل في مرحلة المناغاة، حيث يبدأ في إنتاج عبارات متعددة المقاطع مثل "با-با-با". بحلول السنة ونصف، يبدأ الأطفال باستخدام كلمات مفردة للتعبير عن احتياجاتهم ومشاعرهم، مما يوسع مخزونهم اللغوي ليشمل مجموعة متنوعة من العبارات.

في عمر السنتين ونصف، يبدأ الأطفال في استخدام "الكلام التلغرافي"، حيث يقومون بتركيب جمل تتكون من كلمات دالة فقط، متجاهلين الكلمات الوظيفية مثل أدوات التعريف وحروف الجر. وبحلول الثلاث سنوات، تتحسن قدرات الطفل النحوية والتراكيبية، ويصبح نطقه أقرب إلى نطق الراشدين، مما يعكس تقدمًا ملحوظًا في تطور اللغة.

تبدأ رحلة اكتساب اللغة عند الطفل من الشهرين أو الثلاثة شهور الأولى، حيث يبدأ في إصدار أصوات وحروف بسيطة. قد تكون هذه الأصوات واضحة أو غير مفهومة حسب تطور الطفل، لكنها تمثل المحاولات الأولى لاستخدام اللغة. عادةً ما يتمكن الطفل من فهم الكلمات البسيطة بين سن السادسة والثامنة، مما يجعل التحدث معه بانتظام وقراءة الكتب وفتح الحوارات بلغة بسيطة وواضحة من أهم الطرق لتعزيز تطوره اللغوي.

تلعب الحواس دورًا أساسيًا في عملية اكتساب اللغة. تعتبر حاسة السمع من أبرز هذه الحواس؛ حيث لا يمكن للطفل تعلم اللغة إذا لم يكن قادرًا على سماعها بوضوح. لذلك، ينصح المختصون بإجراء فحوصات سمعية عند وجود تأخر في الكلام أو مشكلات في الفهم لضمان عدم وجود مشكلات سمعية تؤثر على تعلم اللغة.

تلعب حاسة البصر أيضًا دورًا مهمًا، حيث يساهم التواصل البصري في تعرف الطفل على الحركات الشفهية والإيماءات المرتبطة بالكلام. نقص التواصل البصري قد يكون مؤشرًا على وجود مشكلات أخرى مثل التوحد، لذا من الضروري متابعة هذا الجانب واستشارة المختصين عند الحاجة.

يساهم اللمس في ربط الكلمات بالأشياء من خلال التجربة المباشرة. من المهم تنمية المهارات الحسية لدى الطفل، مثل تلمس الأشياء وتعلم مفردات جديدة مثل "بارد" أو "خشن". كذلك، تساهم حاستا الشم والذوق في تكوين روابط بين الكلمات والأشياء التي يشمها الطفل أو يتذوقها، مما يساعده في التعبير عن أفكاره.

تأخر الكلام عند الأطفال قد يكون ناتجًا عن عدة عوامل، بما في ذلك مشكلات في الحواس، عوامل وراثية، مشكلات في الأذن الوسطى، أو قلة التفاعل الاجتماعي. قد تشير المشكلات في التطور اللغوي إلى اضطرابات مثل اضطراب التواصل غير اللفظي أو مشكلات نفسية مثل التوحد أو ضعف الثقة بالنفس.

دور الأهل في تطوير لغة الطفل أساسي، حيث ينبغي عليهم الانتباه لأي تأخر في نمو الطفل واستشارة المختصين لإجراء الفحوصات اللازمة وبدء العلاج إذا لزم الأمر.

تبدأ رحلة اكتساب اللغة بمرحلة التهجيج التي تمتد من حوالي 4 إلى 12 شهرًا، حيث يبدأ الطفل في الاستماع إلى مقاطع الكلام من بيئته ومحاولة تقليدها عبر تكرار الأصوات والمقاطع. يتنوع التهجيج إلى نوعين: التهجيج النموذجي، حيث يكرر الطفل نفس المقاطع مثل "غا غا غا" أو "با با با"، والتهجيج المتنوع، الذي يظهر عادة بعد شهرين من التهجيج النموذجي، حيث يستخدم الطفل مقاطع مختلفة مثل "غا با دا".

ثم ينتقل الطفل إلى مرحلة الجملة الواحدة، التي تحدث عادة بين 12 و18 شهرًا، حيث يبدأ في استخدام كلمات محددة للتعبير عن معلومات بسيطة، مثل قول "بابا" للإشارة إلى مجموعة من المعاني مثل "أريد بابا" أو "أين بابا؟". على الرغم من أن هذه الكلمات قد تبدو مشابهة للتهجيج، إلا أنها تحمل معنى واضحًا وتعتبر كلمات أولية تستخدم في التواصل.

بعد ذلك، يدخل الطفل في مرحلة الكلمتين، التي تحدث عادة عند 18 شهرًا. في هذه المرحلة، يستخدم الطفل كلمتين معًا بترتيب نحوي صحيح، مثل "كلب يقفز" بدلاً من "الكلب قفز فوق السياج". يتميز هذا النمو باستخدام كلمات ذات معنى، مع تجاهل الكلمات الوظيفية، مما يجعل المعلومات تعتمد على السياق.

تتبع مرحلة الكلمتين مرحلة تعدد الكلمات، التي يمكن تقسيمها إلى مرحلتين فرعيتين. في المرحلة المبكرة من تعدد الكلمات، المعروفة أحيانًا بـ "مرحلة البرقيات"، من حوالي 24 إلى 30 شهرًا، يستخدم الطفل عبارات بسيطة مع تجاهل الكلمات الوظيفية، وتكون جملهم شبيهة برسائل البرقيات. يبدأ الطفل في استخدام النفي وطرح الأسئلة حول محيطهم.

أما في المرحلة المتأخرة من تعدد الكلمات، التي تبدأ من حوالي 30 شهرًا، يبدأ الطفل في استخدام مجموعة متنوعة من الكلمات الوظيفية ويصبح قادرًا على تكوين جمل أكثر تعقيدًا وتنوعًا. يكتسب الطفل في هذه المرحلة القدرة على التحدث بثقة في أزمنة مختلفة، وشرح أفكاره ومشاعره، وطرح الأسئلة حول الأسباب والكيفية.

عند بلوغ الأطفال سن الخامسة وما فوق، تصبح قدرتهم على استخدام وفهم اللغة أكثر سلاسة. رغم أن بعض الأطفال قد يواجهون صعوبات في النطق، فإنهم يمكنهم فهم استخدام الآخرين للأصوات. تدريجياً، ومع التعليم المدرسي، يتطور لديهم مهارات القراءة والكتابة، ويستكشفون مواضيع وأفكارًا جديدة.

لتشجيع تطوير لغة الطفل، يُنصح بالتحدث معه منذ ولادته باستخدام كلمات متعددة في سياقات متنوعة. ينبغي للأهل منح الطفل فرصة للرد بعد التحدث، والاهتمام بمحاولاته للتواصل مثل الهمهمة والإشارة. عند بدء الطفل في استخدام الكلمات، يمكن تكرار ما يقوله وتوسيع جملهم لتعزيز مهاراتهم اللغوية.

القراءة مع الطفل تعتبر أيضًا وسيلة فعالة لتطوير اللغة. من خلال قراءة الكتب ومشاركتها حول مواضيع متنوعة، يمكن للطفل سماع الكلمات المستخدمة بطرق مختلفة. ربط محتوى الكتب بما يحدث في حياة الطفل يعزز التفاعل ويشجع على الحديث. كما يُنصح بالإشارة إلى الكلمات أثناء قراءتها لتوضيح الرابط بين الكلمات المنطوقة والمكتوبة، مما يساعد الطفل على تعلم القراءة والكتابة.

النشأة في أسرة تتحدث لغتين أو أكثر يمكن أن تكون مفيدة لتعلم الطفل وتعزيز الروابط الأسرية والثقافية. في مثل هذه الحالات، يُنصح بتشجيع تطور اللغة في تلك اللغات المتعددة.

تختلف مراحل نمو اللغة وفقًا لعمر الطفل. من 3 إلى 12 شهرًا، يبدأ الطفل في الاهتمام بالأصوات والإيماءات، وقد يظهر أول كلمة. بين 1 و2 سنوات، يستطيع الطفل قول بعض الكلمات وفهم تعليمات بسيطة، ويبدأ في دمج كلمتين في جمل قصيرة. بين 2 و3 سنوات، يتحسن نطق الكلمات ويبدأ الطفل في التحدث في جمل مكونة من ثلاث كلمات أو أكثر. من 3 إلى 5 سنوات، تتطور المحادثات لتصبح أكثر تعقيدًا، ويستطيع الطفل طرح أسئلة حول أشياء وأماكن غير موجودة حاليًا. من 5 إلى 8 سنوات، يتعلم الطفل المزيد من الكلمات ويصبح قادرًا على إجراء محادثات تشبه محادثات البالغين، ويظهر فهمه لكيفية دمج الكلمات وبناء جمل مختلفة.

إذا كانت هناك أي مخاوف بشأن تطور لغة الطفل أو إذا توقف الطفل عن استخدام مهارة لغوية كان يمتلكها، يُنصح باستشارة متخصصين مثل ممرضة صحة الطفل، طبيب العائلة، أو طبيب الأطفال.

المراجع

الرابط 1 
الرابط 2
الرابط 3
الرابط 4

تعليقات