متى يبدأ الطفل تعلم اللغات بالضبط؟

تعتبر معرفة كيفية تعلم الأطفال للغات مسألة مهمة جدًا. "متى يبدأ الطفل تعلم اللغات؟" هو سؤال يثير اهتمام العديد من الأهل والمربين، خاصةً عندما ندرك أن عملية تعلم اللغة تبدأ منذ اللحظات الأولى للولادة. الأطفال في مراحلهم الأولى يكونون في قمة استعدادهم لاكتساب مهارات لغوية جديدة، مما يجعل فهم هذه العملية أمرًا ضروريًا. في هذا السياق، يصبح من الضروري تحليل مراحل تعلم اللغة وكيف يمكن أن يؤثر الوقت الذي يبدأ فيه الطفل بتعلم لغات جديدة على تطوره اللغوي. لذا، إن معرفة "متى يبدأ الطفل تعلم اللغات؟" ومدى تأثير ذلك على قدرة الطفل على تعلم لغات متعددة يمكن أن يساعد في تقديم استراتيجيات فعالة لدعم وتعزيز هذه العملية التعليمية.



متى يبدأالطفل تعلم اللغات؟
متى يبدأالطفل تعلم اللغات؟

متى يبدأالطفل تعلم اللغات؟

يبدأ الطفل رحلة تعلم اللغات من لحظة ولادته، حيث يكون في هذه المرحلة مهيأً للتفاعل مع المحيط اللغوي من حوله. في الأسابيع والأشهر الأولى، تحديدًا من صفر إلى أربعة أشهر، يستطيع الطفل الاستجابة لإيقاع اللغة وتمييز الأصوات المختلفة مثل الترددات وطبقات الصوت. ومع مرور الوقت، وفي عمر الأربعة أشهر، يبدأ الطفل في تمييز الأصوات اللغوية عن الضوضاء، وبتقدم العمر إلى ستة أشهر، يظهر في لغة الطفل لأول مرة الثرثرة، وهي بمثابة البذور الأولى لعملية تعلم اللغة.

في هذا السياق، يبرز التساؤل حول الوقت الأمثل لبدء تعلم اللغات، حيث تشير الدراسات إلى أن إتقان الطفل لغته الأم خلال السنوات الثلاث الأولى من عمره يعد ضروريًا، فكلما كان الطفل أكثر إلمامًا بلغته الأم، كان ذلك أسهل بالنسبة له في تعلم لغة ثانية لاحقًا دون مواجهة صعوبات كبيرة.

من جهة أخرى، يوصي عالم اللسانيات ليونارد بلومفيلد ببدء تعلم اللغة الأجنبية بين سن العاشرة والثانية عشرة، فهو يرى أن البدء في تعلم لغة جديدة قبل هذا العمر قد يجعل العملية التعليمية بطيئة وغير مجدية. في المقابل، يرى الباحث اللغوي يورجن مايزل أن الفترة المثلى لتعلم اللغات الأجنبية تتراوح بين سن الثالثة والخامسة، حيث يكون الطفل قادرًا على التقاط الأصوات اللغوية وقواعد النحو بسرعة وفعالية.

هناك آراء تشير إلى أن تعلم لغات أجنبية في سن مبكر، بين الثالثة والخامسة، يعزز الإدراك والإبداع الفكري لدى الطفل دون التأثير السلبي على اللغة الأم. لذا يُفضل التركيز على اللغة الأم حتى عمر خمس سنوات، مما يمنح الطفل فرصة لتكوين مخزون لغوي سليم، وبعد هذا العمر، يمكن البدء في تعلم لغة ثانية من عمر السادسة فصاعدًا، حيث يكون من المناسب أن يتعرض الطفل للغة الثانية بشكل بسيط أو كمقدمة أولية دون التركيز الكبير، لتفادي التأثير السلبي على تطوير لغته الأم.

أخيرًا، تظهر التجارب أن أهم مرحلة في تعلم الطفل للغات تبدأ عندما يبدأ بإصدار جميع الأصوات الممكنة، وبحلول عمر عام واحد، يبدأ الطفل في التخلص من الأصوات التي لا توجد في لغته الأساسية، مما يعكس التقدم في تعلمه وتطوره اللغوي.

الطفل لا يستطيع تعلم اللغة بعد عمر

تشير العديد من الدراسات إلى أن فترة الطفولة المبكرة تعتبر الوقت المثالي لتعلم اللغات. في الواقع، الأطفال يكونون في قمة قدرتهم على اكتساب لغة جديدة حتى سن العاشرة، حيث يكونون أكثر قدرة على اكتساب القواعد النحوية وتطوير طلاقة مشابهة للناطقين الأصليين. من المعروف أن البدء في تعلم لغة جديدة قبل سن العاشرة يمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل في إتقان اللغة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالقواعد النحوية التي تتطلب مرونة ذهنية وسرعة في التعلم.

ومع ذلك، لا يزال بإمكان الأفراد تعلم لغة ثانية حتى سن الثامنة عشرة. على الرغم من أن القدرة على اكتساب اللغة بعد هذا العمر تظل ممكنة، فإنها تنخفض بشكل ملحوظ، خاصة من حيث القواعد النحوية والتفاصيل الدقيقة. تفسر الفكرة السائدة أن هذا الانخفاض في القدرة على التعلم يرجع إلى التغيرات الاجتماعية، والتأثير المستمر للغة الأم، بالإضافة إلى التغيرات البيولوجية المستمرة في الدماغ.

لذا، في حين أن التعلم في مرحلة الطفولة المبكرة يعد الأمثل، فإن الاستمرار في تعلم اللغات حتى في مرحلة الشباب يمكن أن يكون مجديًا، ولكنه يتطلب جهدًا إضافيًا ومثابرة لتحقيق الطلاقة الكاملة.

كم لغة يستطيع الطفل تعلمها؟

تشير الدراسات الحديثة إلى أن الأطفال الصغار، حتى سن الخامسة، يمتلكون القدرة على تعلم واستيعاب ما يصل إلى خمس لغات. هل يمكن أن يكون هذا الرقم مبهرًا؟ في الحقيقة، يشير البحث إلى أن الدماغ في هذه المرحلة العمرية يكون في ذروته من حيث القدرة على اكتساب اللغات، وذلك بفضل مرونته العالية واستعداده للتفاعل مع لغات متعددة.

لكن، كيف يمكن للآباء إدخال لغة جديدة إلى حياة أطفالهم الصغار؟ يتفق العديد من الخبراء على أن النهج الثنائي اللغة هو الأكثر فاعلية. هذا يعني أن تعليم الطفل لغتين في وقت مبكر يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على قدراته اللغوية والعقلية. لماذا يعتبر هذا النهج مفيدًا؟ لأن الدماغ الصغير يتعلم بشكل أسرع وأكثر كفاءة في هذه الفترة، مما يسهل عليه اكتساب مهارات لغوية متعددة.

إن أهمية أن يكون الشخص ثنائي اللغة أصبحت واضحة بشكل متزايد في عالمنا اليوم. إذ يمكن للقدرة على التحدث بأكثر من لغة أن تعزز من قدرات التواصل والتفكير النقدي، مما يفتح أبوابًا جديدة للتفاعل الثقافي والفرص المهنية في المستقبل. وبالتالي، فإن الاستثمار في تعليم الأطفال لغات متعددة يمكن أن يكون خطوة ذكية وفعالة تساهم في تطوير مهاراتهم وقدراتهم على المدى الطويل.

هل يمكن تعلم ثلاث لغات في نفس الوقت؟

تعد فكرة تعلم ثلاث لغات في نفس الوقت مثيرة للفضول، وتفتح آفاقًا واسعة للأشخاص المهتمين بتطوير مهاراتهم اللغوية. في الواقع، يمكن اكتساب ثلاث لغات في آن واحد، ولكن يتطلب ذلك اتباع استراتيجيات مدروسة لتحقيق النجاح. لنلقِ نظرة على بعض الأساليب التي قد تسهم في تسهيل هذا التحدي.

أولاً، من الضروري تعديل أسلوب التعلم وفقًا لمستوى المهارة في كل لغة. اللغات التي يمتلك الفرد فيها مستوى أعلى يمكن التعامل معها بجهد أقل مقارنة باللغات الجديدة. على سبيل المثال، إذا كنت قد درست الإسبانية سابقًا، يمكنك تخصيص وقت أقل لها مقارنة باللغات التي تبدأ تعلمها حديثًا مثل الصينية أو العربية.

ثانيًا، التوازن بين تعلم لغات جديدة والحفاظ على اللغات القديمة يعتبر عنصرًا حيويًا. اللغات الجديدة تتطلب تخصيص وقت أكبر للتعلم النشط، بينما اللغات التي سبق تعلمها تحتاج إلى وقت للحفاظ عليها وتحسينها. من هنا، يبرز أهمية إدارة الوقت بفعالية لتلبية احتياجات كل لغة. يمكنك تحديد أوقات محددة لكل لغة في اليوم، مثلاً، تعلم اللغة الجديدة في الصباح، ثم الانتقال إلى اللغات الأخرى وفقًا للأولوية المحددة.

علاوة على ذلك، تلعب الممارسة المتعمدة دورًا كبيرًا في تحقيق الأهداف اللغوية. استخدم استراتيجيات محددة مثل القراءة والاستماع والترجمة، حيث تساعد هذه الأنشطة في تعزيز قدرتك على استخدام اللغات بشكل فعّال. فعلى سبيل المثال، قراءة نصوص في اللغات المستهدفة يمكن أن تعزز مفرداتك وتحسن فهمك للغة.

أخيرًا، التنظيم وتوثيق التقدم يلعبان دورًا مهمًا في متابعة تقدمك وتحسين أدائك. من خلال تتبع نشاطاتك وتدوين تقدمك في سجل مخصص، يمكنك الحفاظ على تنظيمك وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين. هذا التوثيق سيساعدك على رؤية تقدمك بوضوح ويحفزك على الاستمرار في العمل نحو تحقيق أهدافك اللغوية.

باختصار، يمكن تعلم ثلاث لغات في نفس الوقت من خلال تعديل أسلوب التعلم حسب مستوى المهارة، والحفاظ على توازن بين اللغات الجديدة والقديمة، وإدارة الوقت بفعالية، والممارسة المتعمدة، وتنظيم التقدم. باتباع هذه الاستراتيجيات، يمكنك تحقيق النجاح في تعلم عدة لغات بفعالية.

المراجع


https://www.lucalampariello.com/how-to-learn-3-languages/#


https://www.scientificamerican.com/article/at-what-age-does-our-ability-to-learn-a-
new-language-like-a-native-speaker-disappear/



https://www.enabbaladi.net/60069/%D9%85%D8%AA%D9%89-%D9%8A%D8%AC%D8%A8-%D8%A3%D9%86-%D9%8A%D8%A8%D8%AF%D8%A3-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A8%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%85-%D9%84%D8%BA%D8%A9-%D8%A3%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A9/#


https://arabicpost.net/opinions/opinion/2022/08/19/%D9%85%D8%AA%D9%89-%D8%A3%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%8A-%D9%84%D8%BA%D8%A9-%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/


https://www.sylingo.com/ar/blog/articles/tips-of-language-learning-for-children


تعليقات