ما هي الطريقة التي يكتسب بها الطفل اللغة؟

"كيف يتم اكتساب اللغة عند الطفل؟" هو سؤال يثير اهتمام الكثيرين، لا سيما الأهل والمتخصصين في علم النفس والتربية. فهم كيفية اكتساب اللغة عند الطفل هو أمر بالغ الأهمية في التعرف على كيفية تطور مهارات التواصل لدى الأطفال وكيفية تعزيز هذه العملية. بينما كانت النظريات القديمة تعتقد أن الأطفال يتعلمون اللغة من خلال تقليد الأصوات، فقد كشف البحث العصري أن اكتساب اللغة عند الطفل يتضمن تفاعلاً أكثر تعقيداً بين العوامل الفطرية والبيئية.

"كيف يتم اكتساب اللغة عند الطفل؟" هو موضوع يتطلب دراسة دقيقة للعوامل المختلفة التي تؤثر على هذه العملية. من خلال دراسة مراحل نمو الطفل في اكتساب اللغة، يمكننا فهم كيفية تطور القدرة على فهم وإنتاج الكلمات والجمل، وهو ما يمثل أحد أهم جوانب تطور الطفل الشامل.

كيف يتم اكتساب اللغة عند الطفل؟

كيف يتم اكتساب اللغة عند الطفل؟



كيف يتم اكتساب اللغة عند الطفل؟

اكتساب اللغة عند الطفل هو عملية معقدة وتدريجية تشمل عدة مراحل. كان يعتقد قديماً أن الأطفال يتعلمون اللغة عبر تقليد الأصوات، لكن اكتشافات عالم اللسانيات نوام تشومسكي في منتصف الخمسينات دحضت هذه الفكرة، مشيرة إلى أن الأطفال يمتلكون بنيات عقلية خاصة تساهم في اكتساب اللغة، لا تقتصر فقط على تقليد الأصوات. يلعب دور الأهل، وخاصة الأم، في تدريب الطفل على نطق الكلمات بشكل صحيح عندما يكون جاهزاً من الناحية النمائية.

تبدأ رحلة اكتساب اللغة عند الطفل منذ ولادته، في مرحلة ما قبل اللغة، حيث يعبر الطفل عن نفسه من خلال الصرخات، مما يشير إلى تطور جهازه التنفسي والحنجرة. من الشهر الرابع حتى السنة الأولى، يتطور الطفل إلى مرحلة المناغاة، حيث يصدر أصواتاً غير متعمدة نتيجة لسلامة جهازه السمعي. بعد الشهر التاسع، يبدأ الطفل في محاكاة الأصوات والكلمات، وفيما بعد، يتطور إلى مرحلة الكلام المفهوم حيث يفهم معاني الكلمات ويستخدم عناصر ربط مناسبة.

من الشهر الثاني أو الثالث، يبدأ الطفل بإصدار أصوات وحروف بسيطة، وتدريجياً، من سن السادسة إلى الثامنة، يتعلم فهم الكلمات البسيطة. لتعزيز عملية اكتساب اللغة، من الضروري التحدث مع الطفل بشكل متكرر، وقراءة القصص له، وفتح حوارات بلغة بسيطة. تلعب الحواس دوراً حاسماً في هذا السياق؛ فحاسة السمع ضرورية لفهم اللغة، لذا ينبغي التأكد من سلامة السمع عبر فحوصات دورية. التواصل البصري يساعد الطفل على فهم حركة الشفاه والإيماءات، بينما يساعد اللمس في ربط الكلمات بالأشياء من خلال التجربة الحسية. لا ينبغي حرمان الطفل من التجارب الحسية المختلفة، بل يجب تحفيزه على نطق الكلمات بخلق مواقف مناسبة.

تأخر اللغة عند الأطفال قد ينجم عن أسباب متعددة مثل الاضطرابات الوراثية، مشكلات الأذن الوسطى، قلة التفاعل الاجتماعي، والاضطرابات في التطور اللغوي. يجب على الأهل متابعة تطور طفلهم اللغوي بدقة واللجوء إلى المختصين إذا لاحظوا أي تأخير في هذا المجال.

العملية التي يتعلم بها الأطفال لغتهم الأم تتضمن جوانب متعددة. اكتساب اللغة يشير إلى قدرة الأفراد على فهم وإنتاج الكلمات والجمل لأغراض التواصل. يشمل هذا اكتساب اللغة الأولى التي يتعلمها الطفل منذ ولادته، في حين أن تعلم لغات إضافية يُشار إليه باكتساب اللغة الثانية.

تشمل العناصر الأساسية لاستخدام اللغة علم الصوتيات الذي يدرس أصوات اللغة، والنحو والصرف اللذين ينظمان تشكيل الكلمات والجمل، وعلم الدلالة الذي يعنى بدراسة معنى الكلمات والجمل. تعتمد القدرة على استخدام اللغة بشكل فعال على هذه الأدوات لتكوين جمل جديدة وفهم النصوص بشكل صحيح.

القدرة البشرية على استخدام اللغة تُظهر طابعاً فريداً من خلال الإبداع اللغوي، حيث يمكن للأفراد إنشاء جمل جديدة بناءً على قواعد نحوية معينة مثل التناسب والتكامل. هذه القدرة تمنح اللغة البشرية تميزاً واضحاً عن أشكال التواصل الأخرى.

تختلف اللغة البشرية عن التواصل الحيواني في العديد من الجوانب. البشر يمتلكون القدرة على خلق جمل جديدة بفضل النظام النحوي، بينما تواصل الحيوانات يفتقر إلى هذه القدرة على الإنتاجية والتنوع. على الرغم من أن الحيوانات يمكنها التواصل بالإشارة إلى الأشياء المحيطة، فإن هذا النوع من التواصل يفتقر إلى الاختيارية المطلقة الموجودة في اللغة البشرية.

تتعدد النظريات التي تفسر كيفية اكتساب اللغة عند الأطفال، حيث يعتقد الفطريون أن الأطفال يولدون بقدرات لغوية مدمجة مسبقاً تمكنهم من فهم قواعد لغتهم الأم دون الحاجة إلى تعليم رسمي. في المقابل، تشير النظريات البيئية إلى أن اللغة تُتعلم من خلال التفاعل مع البيئة المحيطة، مما يشبه تعلم المهارات الأخرى. يبرز هذا الصراع بين الفطرة والبيئة في النقاشات حول ما إذا كانت القدرات اللغوية فطرية أم أنها تتطور عبر التعلم والتفاعل.

في الختام، يتطلب فهم اكتساب اللغة عند الأطفال النظر في كل من الأبعاد الفطرية والبيئية لهذه العملية، مما يجعلها مسألة مركزية في دراسة اللغويات والتطور المعرفي.

العوامل المؤثرة في اكتساب اللغة عند الطفل

تعد عملية اكتساب اللغة عند الطفل من العمليات المعقدة والمتعددة الأبعاد، والتي تتأثر بعدد كبير من العوامل المختلفة. يمكن القول إن البيئة التي ينشأ فيها الطفل تلعب دوراً محورياً في تطوير قدراته اللغوية. فالمحفزات البيئية، مثل المحادثات اليومية، وقراءة القصص، والتفاعل مع الأفراد من حوله، تسهم بشكل كبير في تعزيز مهاراته اللغوية. على سبيل المثال، الطفل الذي ينشأ في بيئة غنية بالحديث والقراءة يكون لديه فرص أكبر لتطوير مفرداته وفهمه للغة مقارنة بطفل يتعرض لبيئة أقل تفاعلاً.

من جهة أخرى، تلعب التفاعلات الاجتماعية أيضاً دوراً مهماً في تطور اللغة. فالتواصل مع الأهل والأصدقاء والتفاعل مع الأطفال الآخرين يتيح للطفل فرصة ممارسة اللغة في سياقات مختلفة، مما يعزز قدراته على التعبير وفهم الآخرين. هنا، يظهر التأثير الواضح للتواصل الاجتماعي على كيفية اكتساب اللغة، حيث أن التفاعل المستمر مع المحيط يعزز من قدرة الطفل على استخدام اللغة بشكل أكثر فعالية.

إلى جانب ذلك، يأتي النمو المعرفي كعامل مؤثر آخر. يترافق تطور اللغة مع تقدم الطفل في مراحل النمو المعرفي، حيث يكون الإدراك والذاكرة والقدرة على التفكير المجرد من العوامل التي تسهم في تطوير المهارات اللغوية. بمعنى آخر، كلما نمت قدرات الطفل العقلية، زادت قدرته على فهم وتعلم اللغة بشكل أكثر تعقيداً وفعالية.

شروط اكتساب اللغة عند الطفل

عند الحديث عن اكتساب اللغة لدى الطفل، نجد أن هذه العملية تتم عبر مراحل متعددة، تبدأ من المناغاة وتستمر حتى التمكن من استخدام جمل معقدة. هذه المراحل تعكس تطور قدرات الطفل اللغوية بشكل تدريجي، وكل منها يمثل خطوة هامة نحو التمكن الكامل من اللغة.

في البداية، نواجه مرحلة المناغاة، التي تبدأ عادة بين عمر 4 و6 أشهر وتستمر حتى حوالي 12 شهرًا. في هذه الفترة، يبدأ الطفل في استكشاف الأصوات المحيطة به، ويقوم بمحاكاتها من خلال تكرار المقاطع الصوتية. يمكن تصنيف المناغاة إلى نوعين رئيسيين: المناغاة النموذجية، التي تتميز بتكرار مقاطع مثل "با با" أو "غا غا"، والمناغاة المتنوعة، التي تشمل مقاطع صوتية مختلفة مثل "غا با دا". يتوقع أن يبدأ الطفل في مرحلة المناغاة المتنوعة بعد مرور حوالي شهرين من بداية المناغاة النموذجية، وهو ما يحدث عادة عندما يبلغ الطفل حوالي 8 أشهر.

بعد هذه المرحلة، ينتقل الطفل إلى مرحلة الكلمة الواحدة، المعروفة أيضًا بالمرحلة الهولوفراستيكية، التي تمتد من عمر 12 إلى 18 شهرًا. في هذه الفترة، يبدأ الطفل في استخدام كلمة واحدة للتعبير عن فكرة كاملة أو جملة بسيطة. على سبيل المثال، قد يقول الطفل "دادا" للإشارة إلى "أين أبي؟" أو "أريد أبي". خلال هذه المرحلة، يكتشف الطفل الكلمات الأكثر فعالية في التواصل ويبدأ في استخدامها للتعبير عن رغباته ومشاعره.

تتبع مرحلة الكلمة الواحدة مرحلة الكلمتين، التي تبدأ عادة من عمر 18 شهرًا. هنا، يبدأ الطفل في ربط كلمتين معًا لتكوين جمل بسيطة لكن صحيحة نحويًا، مثل "كلب قفز" بدلاً من "قفز الكلب فوق السور". على الرغم من بساطة هذه الجمل، يتجنب الطفل استخدام الكلمات الوظيفية مثل حروف الجر وأدوات التعريف. في هذه المرحلة، تتسع مفردات الطفل لتشمل حوالي 50 كلمة، وتستمر في النمو بشكل ملحوظ مع مرور الوقت.

أخيرًا، نصل إلى مرحلة الكلمات المتعددة، التي تنقسم إلى مرحلتين فرعيتين. المرحلة المبكرة، المعروفة بمرحلة التلغراف، تحدث بين عمر 24 و30 شهرًا. في هذه الفترة، يبدأ الطفل في تكوين جمل قصيرة مكونة من ثلاث إلى أربع كلمات، مثل "لا أريد الخضروات"، ويستمر في تجنب استخدام الكلمات الوظيفية. أما المرحلة اللاحقة، التي تبدأ من عمر 30 شهرًا، فهي مرحلة تطور متقدم حيث يصبح الطفل أكثر قدرة على استخدام الكلمات الوظيفية وتشكيل جمل معقدة. هنا، يكتسب الطفل القدرة على التفكير المجرد والتعبير عن مشاعره وأفكاره بشكل أوضح.

بحث حول اكتساب اللغة عند الطفل

تعلم اللغة عند الأطفال هو موضوع شيق ومعقد. يعتبر اكتساب اللغة أحد أعظم الإنجازات التي يحققها الإنسان في سنواته الأولى، حيث يواجه الطفل نظاماً لغوياً معقداً يشمل عددًا هائلاً من الكلمات، والتي تتكون بدورها من مجموعة محدودة من الأصوات. بالرغم من أن عدد التركيبات الصحيحة التي يمكن تكوينها ضمن الجمل أقل بكثير من جميع التركيبات الممكنة، إلا أن الأطفال يتعلمون بسرعة وفعالية كيفية فهم هذا النظام واستخدامه في تواصلهم اليومي منذ مراحلهم الأولى.

من أبرز التحديات التي يواجهها الأطفال في اكتساب اللغة هو القدرة على تحديد الكلمات داخل تيار مستمر من الأصوات. عندما يستمع الطفل إلى الكلام، لا تكون الكلمات مفصولة بوضوح بفواصل، كما قد يتصور البعض، مما يجعل عملية اكتشاف الكلمات صعبة ومعقدة. ومع ذلك، يبدأ الأطفال في مواجهة هذا التحدي بشكل ملحوظ في عمر حوالي 7 أشهر، حيث يكتسبون القدرة على تجزئة هذا التدفق الصوتي والتعرف على الكلمات بشكل مدهش.

تعد آلية التعلم الإحصائي من الأدوات الفعالة التي يعتمد عليها الأطفال في هذه العملية. من خلال قدرتهم على اكتشاف الأنماط المتكررة في الأصوات التي يسمعونها، يتمكن الأطفال من تحديد حدود الكلمات. يتطلب ذلك حساب الاحتمالات الانتقالية بين المقاطع الصوتية، حيث تكون احتمالية الانتقال بين بعض المقاطع معًا أقل من غيرها، مما يساعدهم على التمييز بين الكلمات. تشير الأبحاث إلى أن حتى الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 8 أشهر يمكنهم استخدام هذه الأساليب بفعالية بعد فترة قصيرة من التعرض للأصوات، والتي قد لا تتجاوز دقيقتين.

المراجع

https://www.pnas.org/doi/full/10.1073/pnas.231498898

https://www.studysmarter.co.uk/explanations/english/language-acquisition/language-acquisition-in-children/

https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84_%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%B9%D9%86%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84


https://ae.linkedin.com/pulse/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%B3%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9-al-zaabi-healthcare

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9


تعليقات